كتب/ عمرو سعد الدين
نشرت مؤخرا روايه ( نفوس معذبه )، للروائي الدكتور حامد خطاب، و هى باكورة أعماله الأدبيه المنشوره، والتى تدور حول النفس الضاله و مجرى الشيطان، الروح بين الغواية الشيطانية و الرحمه الآلهيه.
و المؤلف من مواليد مدينه الزقازيق بمحافظة الشرقية عام 1978 و تدرج فى التعليم حتى حصل على بكالوريوس الطب من جامعة الزقازيق عام 2003. بدأ حياته فى العمل بوزارة الصحه حيث كان يعمل بمديرية الشئون الصحيه بالإسماعيلية، ثم انتقل إلى مديرية الشئون الصحه بمسقط رأسه بمدينه الزقازيق، و حصل على العديد من الدورات التدريبيه فى الاداره، الإدارة الصحيه و إدارة المستشفيات، من الجامعه الامريكيه و جامعه القاهرة، و هو الآن مدير إدارة التخطيط الاستراتيجى و المتابعه بمديرية الشئون الصحيه.
و تعد رواية (نفوس معذبه ) كما ذكر سالفا هى أولى أعماله الادبيه المنشوره، فهى تعتمد فى سردها على اللغة العاميه ، لكونها تنتمى الى تلك النوعيه من الكتابات التى تعتمد على الواقعيه، ( الأحداث و الأسماء ليست حقيقيه و لكنها من محض خيال المؤلف )، كما أنها فى مضمونها تعد أو تصنف من الكتابات الأدبية، التى تصنف بأنها ذات طابع اجتماعى نفسى، يعتمد على التسلسل التشويقى لاحداثها.
تدور أحداث الروايه فى مدينه الزقازيق فى بدايه ثمانينات القرن الماضى، حتى بداية الالفيه الجديده( 1983-2000) حول مجموعه من الأشخاص، وقعوا ضحية لدجال يحاول استغلال ضعفهم و قلة إيمانهم، حتى ينصاعوا لأغراض الشريره.
و هنا يطرح الكاتب بعض الأسئلة و لكل سؤال اجابه تكون من واقع الاحداث. ……..هل يكون المصير محتوم؟ ……..هل ندفع ثمن أخطاء آبائنا؟ ……..أم أن قوى الشر حقا بالقوة التى يزعمون امتلاكها؟ ……. و ما المفر و كيف نستطيع حماية انفسنا؟
فى بداية الروايه نجد أحد أساتذة الطب النفسي، يخاطب ذلك المريض النفسى شديد الخطوره، و هو مكبل اليدين و القدمين فى مقعده (حسن هدهد) الشخصيه الرئيسيه بالروايه .
ذلك الرجل الذى تعاهد على أن يكون وليا للشيطان، حيث كرس نفسه و حياته لخدمته، و لإغواء الناس على إتباع سيده الشيطان، و أنه كان يجبر ضعفاء النفوس على تصرفات تخدم تلك المخططات الشيطانيه، فهو يعلم أنه يقوم بالإغواء و اللعب على العامل النفسى، و ضعف الإيمان و العقيده لمن يستدرجهم، مثل شخصية هناء تلك التى وصلت بها الأمور إلى الاعتقاد بأن هناك من قام بعمل سحر، يفرق بينها و بين زوجها، و أنها سوف تطلق من زوجها، و كيف كان لصديقتها أميره دور فى استدراجها لحسن هدهد، الذى برع فى اغوائها لكونها قليلة الإيمان، حتى وصل بها الأمر إلى نوع من أنواع العذاب النفسى، و كيف كان يهددها فى حال لم تقم بتنفيذ أوامره، ما أدى إلى قتل ابنتها و انتحارها خوفا من مصيرها المظلم و المحتوم لها و لاسرتها.
و شخصية (امينه)أو ما تعرف فى الروايه بإسم (ميمى)، و هى ابنة هدهد التى كانت تساعده على تلك الاغوائات، فهى فى بداية الأحداث فى العقد الثانى من عمرها، و قد شربت الشر من أبيها و برعت فيه، تلك الشخصيه التى حاولت و حاولت و لم تستطع الفرار من مأساتها، و عاشت فيها مرغمه حتى أصبحت لا تعرف للرحمة و الإيمان مكان فى قلبها ( محور أحداث كثيره).
ثم نجد شخصية مصطفى، هذا الفتى الملتزم الملتحى الذى يعمل فى احدى الصيدليات، و الذى لا يعرف فى دنياه إلا أمه و أخته و طريق بيته و الصيدلية و المسجد، و كيف كان لحسن هدهد و شيطانته الصغيره دورا فى اغوائه، و استدراجه بخطه شيطانيه إلى عالم كلمة الالتزام، غير موجوده اصلا بقاموس مفرداته، و كيف حاولوا الوقيعة بينه و بين أمه ة أخته ثم غوايته إلى مستنقع الشيطان عن طريق ميمى و كيف كان يعيش عذاب النفس الملتزمه التى تهوى إلى مستنقع سحيق من الآثام إلى أن هداه الله إلى سبيله و نجاته من ذلك الشرك الشيطان.
إلى شخصية خالد و أخيه مدحت، و هما توأمان لهما علاقه قويه بأحداث الجزء الأول، و كيف كان لهناء التى قتلت نفسها فى هذا الجزء دور فى قصتهما، خالد و مدحت كونهما توأمان، كانا يتمتعان بأشياء مشتركة بينهما مثل القوه و العدوانيه و الشراء فى التعامل إلا أنهما كانا مختلفان فى المشاعر فخالد يحب نورا و يخاف عليها من الهواء و مدحت ليس لديه اى أحاسيس مرهف مثل أخيه و كيف كان لحسن هدهد و ميمى دورا مهما فى اغوائه تلك النفوس الصغيره و السيطره عليها و كيف حاول الفرقه بينهما إلى أن أراد الله بن ينير بصيرة أحدهما و هو خالد و اعاده إلى درب الهداية و الصلاح.
رأى شخصى و تقييم للرواية .. الروايه فى مجملها شيقه جدا فهى تتكلم عن الصراع بين الخير و الشر، و كيف أن النفوس تعذب عن طريق الشيطان، و كيف أن الله سبحانه ينير لها البصيرة، و الطريق كى لا تعذب.
صحيح أن الروايه من خيال الكاتب، إلا أن فى فترة ما فى تاريخنا المعاصر، و خصوصا فى تلك الفتره الزمنيه بأحداث الروايه، كانت قد ظهرت طائفة ما تدعو إلى عبادة الشيطان، لذلك فإنه رغم كونها من محض خيال المؤلف، إلا أن الأحداث المشابهه جعلتها أقرب إلى الواقعيه.
كذلك فإن الكاتب اعتمد فى أسلوبه على السلاسه و التنقل بمنتهى الدقه و الاتزان بين الأحداث مما ساعد على عدم الإخلال بالسياق الزمنى، أو التسلسلى للأحداث، كذلك إعتماده على تفصيلية الأحداث، مما ساهم فى استثارة القارئ و اشعاره بحاله من التشويق و اللهث وراء الاحداث.