إعداد : سارة علم
——————-
يعد الاهتمام بصحة الأطفال الجسدية هو الهم الأول الشاغل للوالدين، أما الصحة النفسية فهي لا تحظى بنفس الاهتمام في ثقافة أغلب الأسر المصرية، ذلك على الرغم من أن إهمال الصحة النفسية للأطفال قد يلحق بهم ضرراً جسيماً يستهلك الأبناء دون أن نشعر فيسرق بهجتهم، ويبدد أحلامهم بشكل خفي مما يجعلهم لا يحيون طفولتهم بشكل طبيعي.
أما إذا جئنا إلى التنمر فإنه يجهز على صحة الأبناء النفسية والجسدية خصوصاً إذا تعرض له بشكل يومي فمع بداية العام الدراسي الجديد فإن عددا لا بأس به من الأطفال يكونون أقل شغفاً من زملائهم بالذهاب إلى صفوفهم الدراسية، وأحد أهم الأسباب في ذلك هو “التنمر المدرسي” الذي قد يتعرض له الأطفال من أقرانهم من الطلاب الآخرين، أو حتى بعض معلميهم في حالات قليلة شهدناها من قبل.
من أشكال العنف
****
لتنمر بشكل عام هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل أخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة. ويعد سلوك العنف والتنمر بين الأطفال أمرا وارداً، ولكنه زاد في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ خاصةً مع زيادة أفلام الكارتون التي تعرض العنف بشكل سافر على الأطفال، كما يأتي التنمر كجزء من أغلب حلقات هذه الأفلام التي لا تتلاءم مع ثقافتنا في الأصل، وكذلك الألعاب الإلكترونية التي أصبحت في معظمها مصدراً لكل الأمراض الاجتماعية والسلوكيات السيئة التي تنشر بين الأطفال. وقد كشفت إحصائيات حديثة لليونسكو صدرت في عام 2018م، أن ربع مليار طفل يتعرضون للتنمر في المدارس من إجمالي مليار طفل يدرسون حول العالم، كما صدرت بيانات في نفس العام من مكتب اليونيسيف بمصر، التابع للمنظمة العالمية للأمم المتحدة للطفولة، يفيد بأن 70% من الأطفال في مصر يتعرضون للتنمر من زملائهم في المدارس وما حولها من بيئة. وأشارت هالة أبو خطوة، مدير قسم الإعلام فى يونيسيف مصر، إلى أن ظاهرة التنمر في مصر منتشرة للغاية، ويعود ذلك لقلة الوعي بين الأطفال، وهذا يمثل نوعا من أنواع العنف، وقد ينتج عنها نبذ التعليم وعدم الذهاب للمدرسة والانتحار في بعض الحالات.
طرق وأساليب
**
وتتعدد طرق التنمر التي تسبب الأذى للطفل، فمنها ما هو بدني كضرب الطفل، أو سرقة وإتلاف أغراضه. وقد يكون “لفظي” كالشتائم، والتحقير في معاملته، والسخرية منه، وإطلاق الألقاب المزعجة عليه، والتهديد بإيذائه دائماً. أو قد يكون “اجتماعيا” كتجاهله أو إهماله بطريقة متعمدة، واستبعاده، أو نشر شائعات تخصه وتؤثر عليه سلباً. كما يحتمل أن يكون “نفسي” كالنظرات السيئة، والتربص، التلاعب وإشعار الطفل بأن التنمر من نسج خياله .
علامات التنمر
*
هناك علامات تنذر الوالدين بأن طفلهم يتعرض للتنمر، ويجب أخذها على محمل الجد، كضياع وإتلاف ملابسه أو المتعلقات الشخصية الخاصة به، وخسارة مفاجئة للأصدقاء أو تجنب المواقف الاجتماعية، كذلك ضعف الأداء المدرسي أو الامتناع عن الذهاب إلى المدرسة، وانسحاب الطفل بشكل متكرر من الأنشطة المدرسية المفضلة لديه، وهذا يعدُ مؤشراً خطيراً، والتعرض لنوبات من الصداع أو ألم البطن أو الشكاوى البدنية الأخرى دون سبب طبي حقيقي، واضطراب النوم، وتغيرات في عادات الأكل، لبدء في ممارسة التنمر على الآخرين (الأشقاء على سبيل المثال)، كما يظهر عليه الشعور بالعجز أو انخفاض تقدير الذات. ويذكر ملاحظات عن إحساسه بالوحدة. وقد يتساءل الوالدين عما يجب عليهم القيام به لو علموا بأن طفلهم يتعرض للتنمر والإيذاء.
طرق العلاج
**
ولأجل توضيح طرق العلاج فقد وضعت اليونيسيف”مصر” عدة خطوات من أجل ذلك . فيما يتعلق بالطفل، عليك أن تستمع إليه حتى النهاية دون التسرع بالحكم، ثم اشكره على إخبارك لأن هذا هو التصرف الصائب الشجاع، وأظهر تجاوبًا وتعاطفًا مع ما يشعر به، كما عليك أن تتمالك نفسك مهما كان الأمر صعبًا أو كانت التفاصيل مخيفة بالنسبة إليك لأن الموضوع شاق عليه، وربما لو رآك متوترًا سيخاف من إطلاعك على التفاصيل، ولا تقم أبدًا بلوم الطفل، أو تقول له أشياء مثل “لماذا لم تخبرني في وقت سابق، سبق وأن قلت لك دافع عن نفسك، لابد وأنك فعلت شيئًا جعلهم غاضبين منك” لأن ذلك قد يمنعه من التحدث إليك مرة أخرى، وحاول أن تجمع أكبر قدر من المعلومات عن أطراف المشكلة عن طريق الأسئلة (اسأل واسمع أكثر مما تتكلم وتحكم)، عليك أن تطمئنه بأنك بجانبه وبأنكما ستواجهان هذه المشكلة سويًا، وقم بإشراكه في حل المشكلة. كما يتوجب عليك التأكد من أن طفلك يعرف ما هو التنمر وأنواعه وفرقه عن المضايقات العادية، وإخباره أنه إذا قام شخص بمضايقته وقال له: ” ما تقولش لحد”، فاعلم أنه يفعل شيء خطأ، وعلمه أن قول الحقيقة والإبلاغ عن الإساءة والتحرش هو من الشجاعة، وانصحه بأن يبقى بعيدًا عن المجموعات المعروف عنها ممارسة التنمر، حتى لو كانوا من الشخصيات المرحة أو ذات الشعبية، أما إذا كان خائفًا من التعرض للإيذاء، انصحه أن يحاول تجنب أن يكون بمفرده أو التواجد طويلًا في مكان لا يوجد فيه رقابة من شخص كبير، وإذا كانت الإساءة لفظية، لا تقم بالرد بإهانة مماثلة وتجنب الجدال، فالجدل معهم سيعطيهم القوة وسيؤدي إلى المزيد من المشاكل. أما فيما يتعلق بالمدرسة، فأبلغ معلمه بما يجري وكيفية تعاملك مع الأمر، وحافظ على هدوئك وتجنب الانفعال وتواصل مع المسئولين في المدرسة للتأكيد على أهمية الأمر وضرورة المتابعة الدقيقة، ثم عبر عن شكرك وتقديرك لأي تطور حين يقوم بتنفيذ ما اتفقتم عليه، أما إذا شعرت أن طفلك معرض للخطر في أي لحظة، تدخل على الفور مع المدرسة .