كتب: محسن غانم
في إطار التعاون والتنسيق بين وزارتي الأوقاف والصحة ، أقيمت الدورة التثقيفية الثانية للتوعية السكانية وتنظيم الأسرة والمواطنة، لأئمة وواعظات وزارة الأوقاف بمديرية أوقاف الشرقية، في الفترة من الثلاثاء 17 ديسمبر 2019م حتى الخميس 19 ديسمبر 2019م، بمركز التدريب بصحة المرأة بالأحرار بمدينة الزقازيق ، حاضر فيها الشيخ زكريا الخطيب، وكيل وزارة الأوقاف بالشرقية، والشيخ محمد عثمان البسطويسي، المنسق بين وزارة الأوقاف والمجلس القومي للسكان ، و دكتورة نانيس عبد المحسن استشاري الرضاعة الطبيعية، بقطاع الأمومة والطفولة بوزارة الصحة ، ودكتورة عايدة عطية مدير تنظيم الأسرة بالشرقية ، وبحضور عدد كبير من قيادات وأئمة وزارة الأوقاف بالشرقية .
وفي كلمته رحب الشيخ زكريا الخطيب وكيل وزارة الأوقاف بالشرقية، بالحضور متمنيًّا لهم التوفيق والنجاح ، مثمنًا دور معالي وزير الأوقاف، في عقد الدورات التدريبية للتوعية السكانية وتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، وحقوق الطفل ، وحرصه الدائم على ذلك ، مؤكدًا أن نعم الله على عباده لا تحصَى، وآلاؤهُ ليسَ لهَا منتهَى، وأحقها بالتأمل هذا المخلوق الذي سخّرَ لَهُ اللهَ سبحانَهُ وتعالى كُلَّ شيء وجعله أشرف المخلوقات بهذا الشكل البديع، فقال تعالى : ” وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ” ، وقد ذكر القرآن الكريم مراحل نمو الجنين في رحم أمه في تصوير دقيق محكم، قال تعالى: ” وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ” ، ومن الأحاديث العظيمة الجامعة لأحوال الإنسان من مبدأ خلقه ومجيئه إلى هذه الحياة الدنيا إلى آخر أحواله من الخلود في دار السعادة أو الشقاء، ما رواه سيدنا عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ” إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا – نطفة – ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيدٌ، فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ” ، لذا فإن اهتمام الإسلام ببيان هذا التصوير البديع ينشأ عنه اهتمام بحياة هذا المخلوق وصحته ورعايته ونشأته منذ بداية تكوينه نطفة فعلقة فمضغة فصورة كاملة كأحسن ما يكون التصوير، وإن عدم الاهتمام بهذا المخلوق أو التسبب في ضرره أو أذاه بأي صورة من الصور فيه تعدٍ على النفس التي صورها الله (تبارك وتعالى) .
وفي كلمته أكد الشيخ / محمد عثمان البسطويسي أن الأسرة هي اللبنة الأساسية في تكوين أي مجتمع، فعندما تكون الأسرة سليمة وسوية ومتماسكة فإن المجتمع يكون كذلك سليمًا وقويًا وبالتالي يصعب اختراقه وإثارة المشاكل فيه، وقد اهتم الإسلام بتنشئة الأسرة تنشئة سليمة وأولى ذلك اهتمامًا كبيرًا، ووضع الأسس والقواعد التي من شأنها ضمان بناء أسرة قوية ومتماسكة ، ومن هذه القواعد الأساس الذي وضع لاختيار الزوجين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ” تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لمالِها ولحَسَبِها وجَمالِها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ ” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ” ، كما جعل الإسلام العلاقة بين الزوج والزوجة علاقة تكاملٍ، ورحمةٍ ، وموّدةٍ ، وسكينةٍ ، ولم يجعلها علاقة تنافس ، فبالسكينة والمودّة تحدث الطمأنينة، ويكون الاستقرار بين الزوجين، كما حدّد الإسلام واجباتٍ وحقوقًا لكلا الزّوجين ، فعلى الزوج أن يُنفق على زوجته، ويُحسن معاملتها، وهناك واجباتٌ عديدةٌ على الزوجة القيام بها، ومن أهمّها أن تُحسن رعايته ورعاية أبنائهما، فالأسرة السعيدة الطيبة هي القادرة على إنتاج أبناءٍ صالحين، أصحاب أخلاقٍ وسلوكيات حسنةٍ، مؤهّلين للدخول في المجتمع ، فليست المسألة بكثرة الولد وإنما بحسن التربية والتقويم ولذلك حين دعا إبراهيم ( عليه السلام ) ربه أن يرزقه غلامًا طلب أن يكون من الصالحين قال تعالى : ” رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ” ، مبينا أن الكثرة التي ذكرها الله تعالى في كتابه حيث يقول : ” وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً ” ، لا تعني كثرة هزيلة ضعيفة ضارة سلبية إنما هي الكثرة القوية النافعة الإيجابية التي ترفع من قدر الأمة والمجتمع ، ولهذا قال (صلى الله عليه وسلم) : ” يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا، قُلْنَا: مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: لا، أَنْتُم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ …” .
وفي كلمتها أكدت د/ نانيس عبد المحسن أن التغذية السليمة أحد المحددات الرئيسية وشرط مهم لصحة الإنسان ونموه ، خلال مراحل عمره المختلفة ، والتي تبدأ منذ تكوينه كجنين لتمتد لتشمل سنوات عمره المتقدمة ، و يجب أن تعتني الأم بغذائها لأنها أساس تغذية الطفل في أثناء الحمل والرضاعة ، وأن التغذية السليمة والصحية للطفل تبدأ من الشهر السابع مع الاستمرار في الرضاعة الطبيعية للطفل حتى نهاية العام الثاني من حياة الطفل ، ونمو وتطور الطفل يعتمد على التغذية السليمة والصحية التي تحتوي على جميع مكونات الغذاء (الطاقة ،البناء ،الحماية) ، كما أشارت إلى أهمية الرضاعة بالنسبة للأم والطفل والأسرة والمجتمع، وأنه لا سبيل إلى تحقيق الرضاعة الطبيعية للطفل إلا إذا تباعدت فترات الحمل، وأتم الطفل الوقت الطبيعي للرضاعة ألف يوم والتي تحدث عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: ” وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا “، مؤكدة أن الغذاء الصحي المتوازن هو الذي يحتوي على جميع العناصر الغذائية اللازمة للجسم بنسب متوازنة ، وأن الصحة والتغذية وجهان لعملة واحدة حيث تمثل التغذية السليمة أحد المحددات الرئيسية وهي شرط مهم لصحة الإنسان ونموه ، خلال مراحل عمره المختلفة ، والتي تبدأ منذ تكوينه كجنين لتمتد لتشمل سنوات عمره المتقدمة ، كما أن الرضاعة الطبيعية ضرورة لبناء الصحة البدنية والنفسية لدى الأطفال .
وفي كلمتها أكدت د/ عايدة عطية على أهمية التنظيم والتخطيط في حياة الأفراد والدول ، وأن تنظيم الأسرة يعود بالنفع والإيجاب على الأسرة والمجتمع ، وأن الحمل المبكر خطر على صحة الأم والطفل ، وأنه لا بد من تباعد فترات الحمل ، للحفاظ على صحة الأم والطفل ، وأن تباعد فترات الحمل يعطي المرأة فرصة لاستعادة صحتها وعافيتها , وأن المباعدة بين فترات الحمل لها فوائد منها : التنشئة الصحية والسليمة للمولود ، كما أنها تسهم في تلافي وفيات الرضع ، وخفض وفيات الأمهات ، وتمكين الأم من مواصلة الحصول على فرص أكبر في التعليم والعمل ، وتباعد فترات الحمل يحافظ على صحة الأم والطفل معًا .